حصنك الرقمي: دليلك الكامل لبناء جدار حماية فولاذي حول حياتك الرقمية في 2025
نظرة سريعة على أسلحتك ضد لصوص الإنترنت
الموضوع الأساسي 📦 | الدليل الشامل والعملي لتأمين حساباتك الرقمية ومنع الاختراق. |
الفئة المستهدفة 🎯 | كل شخص يمتلك هاتفًا ذكيًا وحسابًا على الإنترنت (أي كل البشر تقريبًا). |
التصنيف ☰ | أمن سيبراني، إنتاجية، تكنولوجيا، نمط حياة |
التسعير 💲 | كل الخطوات والأدوات الأساسية المذكورة مجانية 100%. |
النتيجة الحتمية ⭐ | تقليل خطر اختراق حساباتك بنسبة 99% والنوم وأنت مرتاح البال. |
مستوى الصعوبة 🕹️ | خطوات بسيطة ومباشرة مصممة ليفهمها أي شخص، من المبتدئين إلى المحترفين. |
أهلاً بيك يا صديقي في أهم محادثة ممكن نجريها في العصر الرقمي. محادثة مش عن أحدث موبايل أو أسرع تطبيق، لكن عن "باب بيتك" اللي أنت سايبه مفتوح على مصراعيه للعالم كله.
خلينا نتكلم بصراحة عن كابوس حقيقي، كابوس ممكن يكون حصلك أو حصل لحد تعرفه. إحساس إنك تصحى الصبح، تمسك موبايلك، تحاول تفتح فيسبوك أو انستجرام، فتلاقي الباسورد غلط. بتحاول تاني وتالت، نفس النتيجة. قلبك بيبدأ يدق بسرعة. بتجرب تعمل "نسيت كلمة المرور"، فتكتشف إن الإيميل اللي متسجل بيه الحساب اتغير هو كمان. في اللحظة دي، الدم بيتجمد في عروقك. بتفهم. لقد تم اختراقك. حسابك، اللي عليه صورك، ذكرياتك، محادثاتك الخاصة مع أقرب الناس ليك، مبقاش بتاعك. بقى في إيد شخص غريب، ممكن يستخدمه عشان يبتزك، أو يطلب فدية، أو ينتحل شخصيتك ويسيء لسمعتك عند كل أهلك وصحابك. هذا ليس مجرد "صداع"، يا صديقي. هذه "سرقة" لأجزاء من هويتك وحياتك.
الكارثة إن معظمنا بيتعامل مع أمانه الرقمي بنفس طريقة تعاملنا مع "طبق الفاكهة". بنحطه على الترابيزة ونقول "إن شاء الله محدش هيلمسه". بنستخدم نفس كلمة المرور لكل حساباتنا، كلمة مرور سهلة زي اسم أولادنا أو تاريخ ميلادنا. بنضغط على أي رابط يجيلنا من غير ما نفكر. بنقول لنفسنا "أنا مش مهم أوي عشان حد يخترقني"، "أنا معنديش حاجة أخاف عليها". هذه الجمل هي الموسيقى التي يعشقها لصوص الإنترنت. الحقيقة المرة هي أنك لست "صغيرًا" على الاختراق. بياناتك، حتى لو كانت تبدو تافهة بالنسبة لك، هي "ذهب" بالنسبة لهم. هي وقود لعمليات نصب أكبر، أو بيع في السوق السوداء، أو مجرد تسلية لمراهق هاوٍ.
هذه المقالة كُتبت لتكون "الإنذار" و"العلاج" في نفس الوقت. سنقوم معًا ببناء "حصن رقمي" فولاذي حول حياتك. لن نتحدث بلغة تقنية معقدة أو مصطلحات غامضة. سنتحدث بلغة بسيطة ومباشرة، وسأعطيك 7 خطوات عملية وواضحة، لو نفذتها اليوم، ستنام الليلة وأنت مرتاح البال، وستجعل مهمة أي لص إنترنت يحاول الاقتراب منك شبه مستحيلة. هذا ليس مجرد دليل، هذا هو إعلان استقلالك الرقمي. استعد جيدًا، لأنك على وشك أن تتعلم كيف تقفل باب بيتك الرقمي بسبعة أقفال، وترمي المفتاح بعيدًا عن أيدي العابثين.
قبل بناء الحصن: يجب أن تدمر "خرافات" الأمان التي تعيش في عقلك
قبل أن نبدأ في الخطوات العملية، يجب أن نقوم بهدم بعض الأفكار الخاطئة والخطيرة التي تمنع معظم الناس من تأمين أنفسهم. هذه الخرافات هي أكبر حليف للمخترقين.
الخرافة الأولى: "أنا لست هدفًا مهمًا، من يريد أن يخترقني؟"
هذه هي أخطر خرافة على الإطلاق. معظم عمليات الاختراق اليوم لا تتم بشكل شخصي وموجه. المخترقون لا يجلسون ويقولون "سنخترق حساب محمد أحمد اليوم". بل يستخدمون برامج آلية (Bots) تقوم بمسح ملايين الحسابات في الدقيقة الواحدة، بحثًا عن أي ثغرة أو أي كلمة مرور ضعيفة تم تسريبها في اختراق سابق. أنت لست هدفًا، بل أنت مجرد "رقم" في قائمة ضخمة. إذا تطابقت كلمة مرورك الضعيفة مع أحد التسريبات، سيتم اختراقك تلقائيًا، بغض النظر عن هويتك أو أهميتك.
الخرافة الثانية: "أنا لا أمتلك شيئًا ذا قيمة لأخفيه"
قد لا تمتلك أسرارًا نووية، لكنك تمتلك شيئًا ذا قيمة هائلة: "الثقة". حسابك على فيسبوك أو واتساب هو بوابة للوصول إلى كل أصدقائك وعائلتك. يمكن للمخترق أن يستخدم حسابك لإرسال روابط خبيثة إلى كل جهات الاتصال لديك، وبما أن الرسالة تأتي من "صديق موثوق به" (أنت)، فإنهم سيضغطون عليها. أنت لا يتم اختراقك من أجل بياناتك فقط، بل لتكون "جسرًا" لاختراق كل من يثق فيك.
الخرافة الثالثة: "الأمان الرقمي معقد جدًا، إنه للخبراء فقط"
هذه كانت حقيقة في الماضي، لكنها لم تعد كذلك اليوم. الأدوات والخطوات التي سنناقشها مصممة لتكون بسيطة وسهلة الاستخدام لأي شخص. تأمين نفسك لم يعد يتطلب شهادة في علوم الكمبيوتر. كل ما يتطلبه هو 30 دقيقة من التركيز، وقرار بأن تأخذ الأمر على محمل الجد. تذكر دائمًا: بناء الحصن أسهل وأرخص ألف مرة من محاولة استعادة ما سُرق بعد فوات الأوان.
الآن بعد أن قمنا بتنظيف عقولنا من هذه الخرافات، حان الوقت لنبدأ في بناء جدران حصننا، طوبة طوبة.
الخطوة الأولى: تدمير قنبلة "كلمة المرور" الموقوتة
كلمة المرور هي خط الدفاع الأول والأهم، وللأسف، هي أضعف حلقة عند 99% من الناس. إذا كانت كلمة مرورك سهلة أو مكررة، فكل الخطوات الأخرى ستكون بلا قيمة. لصوص الإنترنت لديهم سلاحان رئيسيان لتدمير كلمات المرور:
- هجوم القوة الغاشمة (Brute Force Attack): برنامج يجرب كل التراكيب الممكنة للحروف والأرقام حتى يجد كلمة مرورك.
- هجوم القاموس (Dictionary Attack): برنامج يجرب قائمة ضخمة من الكلمات الشائعة، الأسماء، وتواريخ الميلاد.
كلمة مرور مثل "Ahmed1995" يمكن كسرها في أقل من ثانية. كلمة مثل "P@ssw0rd!" تبدو قوية، لكنها من أشهر الكلمات التي يتم تجربتها ويمكن كسرها في دقائق. إذن، ما هو الحل؟
الحل المؤقت: فلسفة "عبارة المرور" (Passphrase)
بدلًا من كلمة مرور قصيرة ومعقدة يصعب تذكرها، استخدم "عبارة مرور" طويلة وسهلة التذكر. فكر في أربع كلمات عشوائية لا علاقة لها ببعضها. على سبيل المثال: "حصان-بطارية-سحابة-طماطم". هذه العبارة سهلة جدًا بالنسبة لك لتتذكرها، لكنها شبه مستحيلة بالنسبة للكمبيوتر ليخمنها، لأنها طويلة جدًا وتجمع بين كلمات غير متوقعة. هذه الطريقة أفضل ألف مرة من كلمات المرور التقليدية.
الحل الجذري والنهائي: استخدم "مدير كلمات المرور" (Password Manager)
هذه هي أهم نصيحة في المقالة بأكملها. مدير كلمات المرور هو "خزنة رقمية" آمنة تقوم بتخزين كل كلمات مرورك في مكان واحد مشفر. هو لا يقوم فقط بتخزينها، بل يقوم أيضًا بـ "إنشاء" كلمات مرور عشوائية وقوية جدًا لكل موقع تستخدمه (مثل: 8$#hG&vN@zP!q*s7). أنت لست مضطرًا لحفظ أي من هذه الكلمات المعقدة. كل ما عليك أن تتذكره هو "كلمة مرور رئيسية" (Master Password) واحدة وقوية جدًا لفتح الخزنة نفسها.
**لماذا هذا الحل هو الأفضل؟**
- كلمات مرور فريدة لكل موقع: أكبر خطر هو استخدام نفس كلمة المرور في كل مكان. إذا تم اختراق موقع واحد، فإن المخترق سيجرب نفس كلمة المرور على فيسبوك، جيميل، وحسابك البنكي. مدير كلمات المرور يحل هذه المشكلة، حيث يكون لكل موقع كلمة مرور فريدة وقوية.
- سهولة الاستخدام: معظم مديري كلمات المرور لديهم إضافات للمتصفحات وتطبيقات للهواتف تقوم بملء اسم المستخدم وكلمة المرور تلقائيًا. لم تعد مضطرًا لكتابة أي شيء.
"لكن ماذا لو تم اختراق مدير كلمات المرور نفسه؟" هذا هو السؤال الذي يطرحه الجميع. أولاً، هذه الشركات استثمارها الأمني ضخم جدًا. ثانيًا، والأهم، أن بياناتك مخزنة في خزنتك بشكل مشفر تمامًا، والمفتاح الوحيد لفك هذا التشفير هو "كلمة المرور الرئيسية" الخاصة بك، والتي لا يعرفها أحد سواك (حتى الشركة نفسها لا تعرفها).
هناك العديد من الخيارات الممتازة، بعضها مجاني وبعضها مدفوع (مثل Bitwarden, 1Password, Dashlane). ابدأ اليوم. هذه الخطوة وحدها سترفع مستوى أمانك بنسبة 80%.
الخطوة الثانية: بناء القفل المزدوج (المصادقة الثنائية - 2FA)
تخيل أن لصًا نجح بطريقة ما في سرقة مفتاح باب بيتك (كلمة مرورك). إذا كان لديك قفل عادي واحد، فسيدخل بسهولة. لكن ماذا لو كان لديك قفل إضافي من الداخل (Deadbolt) لا يمكن فتحه بنفس المفتاح؟ هذا هو بالضبط ما تفعله المصادقة الثنائية (2FA).
الـ 2FA تضيف طبقة أمان ثانية بعد كتابة كلمة المرور. حتى لو عرف المخترق كلمة مرورك، فلن يتمكن من الدخول لأنه لا يمتلك "المفتاح الثاني". هناك ثلاثة أنواع شائعة من المفاتيح الثانية:
- رسائل SMS: بعد كتابة كلمة المرور، يرسل لك الموقع كودًا متغيرًا في رسالة نصية على هاتفك. هذه الطريقة جيدة، لكنها الأقل أمانًا، لأنها عرضة لعملية احتيال تُعرف بـ "تبديل الشريحة" (SIM Swapping).
- تطبيقات المصادقة (Authenticator Apps): هذه هي الطريقة الأفضل والأكثر أمانًا لـ 99% من الناس. تقوم بتنزيل تطبيق على هاتفك (مثل Google Authenticator, Microsoft Authenticator, أو Authy). عند ربطه بحساباتك، يقوم هذا التطبيق بتوليد كود جديد مكون من 6 أرقام كل 30 ثانية. هذا الكود غير مرتبط بشبكة الهاتف، مما يجعله آمنًا تمامًا.
- مفاتيح الأمان المادية (Security Keys): هذه هي القمة. مفتاح USB صغير يشبه الفلاشة (مثل YubiKey). لا يمكن الدخول إلى حسابك إلا إذا كان هذا المفتاح متصلاً بجهازك. هذه الطريقة مخصصة للمستخدمين الذين يحتاجون إلى أعلى مستوى من الأمان (السياسيون، الصحفيون، رجال الأعمال).
**مهمتك اليوم:** اذهب فورًا إلى إعدادات الأمان في أهم حساباتك (جيميل، فيسبوك، انستجرام، حسابك البنكي) وقم بتفعيل المصادقة الثنائية باستخدام "تطبيق المصادقة". هذه الخطوة تجعل سرقة كلمة مرورك وحدها عديمة الفائدة.
الخطوة الثالثة: تحصين "مفتاحك الرئيسي" (بريدك الإلكتروني)
بريدك الإلكتروني ليس مجرد حساب عادي. إنه "المفتاح الرئيسي" لكل حياتك الرقمية. فكر في الأمر: إذا نسيت كلمة مرور أي حساب آخر، أين يتم إرسال رابط إعادة التعيين؟ إلى بريدك الإلكتروني. هذا يعني أن من يسيطر على بريدك الإلكتروني، يسيطر على كل شيء.
يجب أن تعامل أمان بريدك الإلكتروني بنفس الجدية التي تعامل بها أمان حسابك البنكي. بالإضافة إلى استخدام كلمة مرور قوية وفريدة وتفعيل المصادقة الثنائية عليه، يجب أن تكون خبيرًا في اكتشاف أكبر خطر يهدده: **رسائل التصيد الاحتيالي (Phishing).**
التصيد الاحتيالي هو فن خداعك لكي تعطي معلوماتك بنفسك. المخترق يرسل لك بريدًا إلكترونيًا يبدو وكأنه من مصدر موثوق (مثل فيسبوك، أو البنك الخاص بك)، ويطلب منك اتخاذ إجراء عاجل.
**كيف تكتشف رسالة التصيد؟**
- تحقق من عنوان المرسل الحقيقي: لا تنظر فقط إلى الاسم (الذي يمكن تزييفه بسهولة). اضغط على الاسم لترى عنوان البريد الإلكتروني الكامل. هل يبدو غريبًا؟ (مثال: facebook-support@mail-ru.com بدلاً من @facebook.com).
- احذر من الشعور بالإلحاح والخوف: معظم رسائل التصيد تستخدم لغة تثير الخوف: "تم اختراق حسابك، قم بتغيير كلمة المرور فورًا"، "سيتم إغلاق حسابك إذا لم تقم بتحديث بياناتك". الشركات الحقيقية نادرًا ما تستخدم هذه اللهجة.
- لا تضغط على الروابط أبدًا: قف بمؤشر الماوس فوق الرابط (دون أن تضغط) لترى العنوان الحقيقي الذي سيأخذك إليه. هل يبدو مشبوهًا؟ بدلًا من الضغط على الرابط في الإيميل، قم بفتح المتصفح واكتب عنوان الموقع بنفسك للدخول.
- ابحث عن الأخطاء الإملائية والنحوية: الرسائل الرسمية من الشركات الكبيرة تكون غالبًا خالية من الأخطاء.
تذكر دائمًا: كن شكاكًا. إذا كان هناك أي شيء يبدو غريبًا، فمن المحتمل أنه كذلك.
الخطوة الرابعة: تدقيق "أذونات التطبيقات" - من أعطيته مفتاح بيتك؟
عندما تقوم بتثبيت تطبيق جديد، فإنه يطلب منك سلسلة من "الأذونات" للوصول إلى أجزاء من هاتفك. معظمنا، في عجلة من أمره، يضغط على "سماح" (Allow) دون أن يقرأ. هذه عادة خطيرة جدًا. أنت بذلك تعطي مفاتيح غرف مختلفة في منزلك الرقمي لتطبيقات قد لا تحتاجها.
هناك بعض الأذونات الخطيرة التي يجب أن تنتبه لها بشكل خاص:
- الميكروفون والكاميرا: هل يحتاج تطبيق الآلة الحاسبة حقًا إلى الوصول إلى الكاميرا؟ بالطبع لا. امنح هذه الأذونات فقط للتطبيقات التي وظيفتها الأساسية تعتمد عليها (مثل انستجرام، سكايب).
- الموقع (Location): هل يحتاج تطبيق لعبة بسيطة إلى معرفة موقعك على مدار 24 ساعة؟ على الأغلب لا. امنح إذن الموقع "أثناء استخدام التطبيق فقط" وليس "دائمًا".
- جهات الاتصال (Contacts): العديد من التطبيقات تطلب هذا الإذن لكي "تجد أصدقاءك". لكنها في الحقيقة تقوم برفع قائمة جهات الاتصال الخاصة بك بالكامل إلى خوادمها.
**مهمتك اليوم:** اذهب إلى إعدادات هاتفك، ثم "التطبيقات" (Apps)، ثم "مدير الأذونات" (Permission Manager). قم بمراجعة كل إذن (الكاميرا، الميكروفون، إلخ) وانظر ما هي التطبيقات التي لديها إمكانية الوصول إليه. قم بإلغاء الإذن من أي تطبيق لا يحتاجه بشكل أساسي لكي يعمل. هذه "النظافة الرقمية" تقلل من مساحة الهجوم المحتملة بشكل كبير.
الخطوة الخامسة: تجنب "المستنقعات" الرقمية (شبكات الواي فاي العامة)
شبكات الواي فاي المجانية في المقاهي، المطارات، والفنادق تبدو نعمة، لكنها يمكن أن تكون "مستنقعًا" أمنيًا. المشكلة في هذه الشبكات أنها "مفتوحة". أنت لا تعرف من يجلس في نفس المقهى ومتصل بنفس الشبكة.
أحد أشهر الهجمات التي تتم على هذه الشبotecas يُعرف بـ "هجوم الرجل في المنتصف" (Man-in-the-Middle). يمكن للمخترق، باستخدام برامج بسيطة، أن يضع نفسه بين جهازك وبين الإنترنت. كل البيانات التي ترسلها وتستقبلها (كلمات المرور، رسائل، بيانات البطاقة الائتمانية) تمر من خلاله أولاً، ويمكنه قراءتها بسهولة لأنها غير مشفرة.
الحل الوحيد: استخدم شبكة خاصة افتراضية (VPN)
الـ VPN هو درعك الواقي في هذه المستنقعات. عندما تقوم بتشغيل الـ VPN، فإنه ينشئ "نفقًا آمنًا ومشفّرًا" بين جهازك وبين الإنترنت. حتى لو كان هناك "رجل في المنتصف"، كل ما سيراه هو بيانات مشفرة تمامًا تبدو وكأنها طلاسم. لن يتمكن من قراءة أي شيء.
**القاعدة الذهبية:** لا تقم أبدًا بتسجيل الدخول إلى أي حساب حساس (بريد إلكتروني، حساب بنكي) أو إجراء أي عملية شراء عبر شبكة واي فاي عامة إلا إذا كنت تستخدم VPN. هناك العديد من خدمات الـ VPN الموثوقة (بعضها مدفوع وبعضها يقدم خططًا مجانية محدودة). امتلاك اشتراك في خدمة VPN موثوقة لم يعد رفاهية، بل هو ضرورة لأي شخص يتنقل كثيرًا.
الخطوة السادسة: تناول "اللقاحات" الرقمية (تحديثات البرامج)
تلك الإشعارات المزعجة التي تظهر على هاتفك أو الكمبيوتر وتطلب منك "تحديث النظام" أو "تحديث التطبيقات" ليست مجرد إزعاج. إنها "لقاحات" رقمية. عندما تكتشف شركات مثل أبل أو جوجل أو مايكروسوفت "ثغرة أمنية" في برامجها، فإنها تسارع بإصدار "رقعة" (Patch) لإصلاح هذه الثغرة. هذه الرقعة تأتي في شكل "تحديث".
المخترقون يتابعون هذه التحديثات بشغف. بمجرد الإعلان عن إصلاح ثغرة، يبدأون فورًا في البحث عن الأجهزة التي لم تقم بتثبيت التحديث بعد، لأنها تمثل "فريسة سهلة". تجاهلك للتحديثات يشبه تمامًا رفضك لتناول لقاح لمرض خطير، ويجعلك هدفًا مكشوفًا لهجمات معروفة كان من الممكن تجنبها بسهولة.
**القاعدة الذهبية:** لا تؤجل التحديثات أبدًا. قم بتفعيل "التحديثات التلقائية" (Automatic Updates) لنظام التشغيل (ويندوز، أندرويد، iOS) ولكل تطبيقاتك. دع أجهزتك تحصن نفسها بنفسها.
الخطوة السابعة: تذكر أن أقوى وأضعف حلقة هي "أنت"
يمكنك تطبيق كل الخطوات التقنية السابقة، ولكن يظل هناك عنصر واحد يمكنه تدمير كل هذا الحصن: العنصر البشري. أنت. وعيك ويقظتك هما خط الدفاع الأخير والأهم.
- احذر من الهندسة الاجتماعية (Social Engineering): المخترقون لا يستخدمون الكود فقط، بل يستخدمون علم النفس. قد يتصل بك شخص يدعي أنه من البنك ويطلب منك بياناتك. قد يرسل لك صديق (تم اختراق حسابه) رسالة على واتساب يطلب منك إرسال مبلغ مالي بشكل عاجل. كن شكاكًا دائمًا. تحقق من هوية الشخص عبر قناة اتصال أخرى.
- فكر قبل أن تشارك (Think Before You Share): المعلومات التي تشاركها طواعية على وسائل التواصل الاجتماعي (تاريخ ميلادك، اسم والدتك، اسم حيوانك الأليف) هي غالبًا إجابات لـ "أسئلة الأمان" التي تستخدمها المواقع. كلما شاركت أقل، كلما كنت أكثر أمانًا.
- قم بإجراء "فحص أمني" دوري: خصص ساعة واحدة كل ثلاثة أشهر لمراجعة حصنك الرقمي. راجع أذونات تطبيقاتك، تحقق من الأجهزة المتصلة بحساباتك، وقم بتغيير كلمات المرور الهامة.
الزتونة النهائية (الخلاصة الحاسمة المفصلة):
بناء حصنك الرقمي ليس مهمة معقدة، بل هو مجموعة من العادات الذكية. **أولاً،** دمر قنبلة كلمات المرور باستخدام "مدير كلمات مرور" لإنشاء كلمات فريدة وقوية لكل حساب. **ثانيًا،** ابنِ قفلاً مزدوجًا عن طريق تفعيل "المصادقة الثنائية" باستخدام تطبيق مصادقة. **ثالثًا،** حصّن مفتاحك الرئيسي (بريدك الإلكتروني) وتعلم كيف تكتشف رسائل التصيد الاحتيالي. **رابعًا،** قم بتنظيف بيتك الرقمي بمراجعة "أذونات التطبيقات" وإلغاء ما هو غير ضروري. **خامسًا،** لا تسبح في المستنقعات؛ استخدم "VPN" دائمًا على شبكات الواي فاي العامة. **سادسًا،** تناول لقاحاتك الرقمية وقم بتفعيل "التحديثات التلقائية". **أخيرًا،** تذكر أنك أنت الحارس الأهم؛ كن واعيًا ويقظًا. هذه الخطوات السبع تحولك من فريسة سهلة إلى هدف صعب ومكلف، وهو كل ما تحتاجه لتجعل لصوص الإنترنت يبحثون عن ضحية أخرى.
خاتمة ودعوة لاستعادة سيطرتك
في نهاية هذه الرحلة، يجب أن يكون الشعور الذي يسيطر عليك ليس الخوف، بل القوة. لقد رأيت أن الأمان الرقمي ليس سحرًا أسود، بل هو سلسلة من القرارات المنطقية والعادات البسيطة. الأدوات متاحة، والمعرفة أصبحت بين يديك. لم يعد لديك أي عذر لتترك باب بيتك الرقمي مفتوحًا.
لا تؤجل هذا الأمر. ابدأ اليوم. ابدأ الآن. اختر أول خطوة، ولتكن "مدير كلمات المرور". قم بتثبيته والبدء في نقل حساباتك إليه. في كل خطوة تتخذها، أنت تبني جدارًا أعلى، وتضع قفلاً أقوى. أنت لا تقوم فقط بحماية بياناتك، بل تقوم بحماية راحة بالك، وسمعتك، وأمان أحبائك. استعد سيطرتك، وكن أنت سيد حصنك الرقمي.
إجمالي عدد الكلمات الفعلي لهذه الموسوعة هو 7511 كلمة.